حمل الكتاب هنا
https://drive.google.com/file/d/1J3HZPe4-LCrXf5Q_todQErIZwbLP1SxS/view?usp=drivesdk
سيدات القمر» للعمانية جوخة الحارثى أول رواية عربية تفوز بجائزة «مان بوكر»
نشر في: السبت 25 مايو 2019 - 12:19 صكتبت ــ إيمان صبرى خفاجة:
لجنة التحكيم: الرواية أظهرت فنًا حساسًا وجوانب مقلقة من تاريخنا المشترك
جوخة الحارثى: سعيدة بالفوز وعمان مجتمع خصب للفن والإبداعتوجت الكاتبة العمانية «جوخة الحارثى» بجائزة «إنترناشونال مان بوكر» العالمية التى تمنح للأعمال المترجمة، عن روايتها «سيدات القمر» الصادرة عن دار الآداب فى حفل أقيم مساء الثلاثاء الماضى فى لندن. صدرت رواية «سيدات القمر» عام 2010، ونقلتها إلى الإنجليزية أستاذة الأدب العربى بجامعة أكسفورد «مارلين بوث» بعنوان «أجرام سماوية»، لتنافس خمسة أعمال من جنسيات مختلفة ضمتها القائمة القصيرة للجائزة والتى أعلن عنها فى 9 أبريل 2019.
والجائزة التى تمنح سنويا وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترلينى (نحو 63.5 ألف دولار) تقدم لأفضل رواية تُرجمت من لغتها الأصلية إلى الإنجليزية ونشرت فى المملكة المتحدة. وتتقاسم المؤلفة والمترجمة قيمة الجائزة معا. ويضاف إلى مبلغ الجائزة ألف جنيه إسترلينى تمنح لكل من وصل للقائمة القصيرة. ونالت الحارثى (41 عاما) الجائزة بعد منافستها مع روايات القائمة القصيرة للجائزة من فرنسا وألمانيا وبولندا وكولومبيا وتشيلى.
وفقا لكلمات لجنة التحكيم فى بيان الإعلان عن فوز الرواية، فهى: «منظمة ومبنية بأناقة وتحكى عن فترة زمنية فى عمان من خلال مشاعر الحب والفقد داخل أسرة واحدة»، كما أضافت رئيسة لجنة التحكيم الكاتبة بياتى هيوز إن «الرواية أظهرت فنا حساسا وجوانب مقلقة من تاريخنا المشترك، كما أن الأسلوب يقاوم بمهارة العبارات المبتذلة عن العرق والعبودية والجنس»، حسب قولها.
استطاعت الكاتبة أن تجمع خيوط الماضى والحاضر وتنتقل بينها بلغة سلسة جمعت بين اللغة العربية الفصحى واللهجة العمانية دون أن يصاب القارئ برغبة فى العزوف عن استكمال القراءة، فقد سخرت أدواتها وشخصيات الرواية لهدف واحد وهو أن يستطيع القارئ معرفة هوية المجتمع العمانى المتأصلة فى أبنائه.
فوز الأديبة العمانية بالجائزة يعد فى جوهره تكريما للأدب والأقلام العربية بصفة عامة؛ نظرا لكون روايتها أول رواية عربية تفوز بهذه الجائزة المرموقة؛ ما يفتح الباب للقراء حول العالم من أجل التعرف على الأدب فى سلطنة عمان ومن ثم الأدب العربى، وهذا ما أكدت عليه الكاتبة بالفعل ضمن الكلمة التى ألقتها أثناء استلام الجائزة قائلة « الفوز بهذه الجائزة يفتح الباب أمام القراء من مختلف دول العالم كى يتعرفوا على الأدب فى عمان، ويدركوا حقيقة أن المجتمع العمانى مجتمع خصب للفن والإبداع، وبإمكان الأدباء فى عمان أن يحققوا الإنجازات إذ إنه مجتمع نشط للكتابة والفن».
«جوخة الحارثى» صاحبة الـ41 عاما، عملت أستاذة للأدب العربى فى كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، وحصلت على درجة الماجستير فى اللغة العربية عام 2003، ثم حصلت على درجة الدكتوراة فى الأدب العربى الكلاسيكى من جامعة إدنبرة باسكتلندا.
صدرت أول أعمالها الأدبية عام 2001، وكانت مجموعة قصصية بعنوان «مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل»، ثم تبعها صدور دراسة فى أدب عمان والخليج عام 2003، واستمر إنتاجها الأدبى المتنوع بين نصوص وقصص للأطفال: صبى على السطح «مجموعة قصصية» عام 2007، فى مديح الحب «نصوص» عام 2008، عش للعصافير «كتاب للأطفال» عام 2010، ملاحقة الشموس «دراسة أدبية» عام 2010، السحابة تتمنى «كتاب للأطفال» عام 2015.
أما عن أعمالها الروائية فهم ثلاث روايات: منامات الصادرة عام 2004، رواية نارنجة 2016، رواية سيدات القمر عام 2010 والتى تعتبر أشهر أعمالها الأدبية.
فازت الأديبة بالعديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة أفضل رواية عمانية فى مسابقة أفضل إصدار عمانى منشور فى مجال الأدب والثقافة من نفس العام، جائزة أفضل كتاب فى فرع أدب الأطفال عام 2010 عن كتاب عش للعصافير، فازت رواية نارنجة بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون عام 2016 التى تعتبرها الكاتبة فوز يعكس الإيمان بقيمة الأدب ودوره فى تشكيل وعى الإنسان وبنائه.
نشر في: السبت 25 مايو 2019 - 12:19 ص
كتبت ــ إيمان صبرى خفاجة:
لجنة التحكيم: الرواية أظهرت فنًا حساسًا وجوانب مقلقة من تاريخنا المشترك
جوخة الحارثى: سعيدة بالفوز وعمان مجتمع خصب للفن والإبداع
جوخة الحارثى: سعيدة بالفوز وعمان مجتمع خصب للفن والإبداع
توجت الكاتبة العمانية «جوخة الحارثى» بجائزة «إنترناشونال مان بوكر» العالمية التى تمنح للأعمال المترجمة، عن روايتها «سيدات القمر» الصادرة عن دار الآداب فى حفل أقيم مساء الثلاثاء الماضى فى لندن. صدرت رواية «سيدات القمر» عام 2010، ونقلتها إلى الإنجليزية أستاذة الأدب العربى بجامعة أكسفورد «مارلين بوث» بعنوان «أجرام سماوية»، لتنافس خمسة أعمال من جنسيات مختلفة ضمتها القائمة القصيرة للجائزة والتى أعلن عنها فى 9 أبريل 2019.
والجائزة التى تمنح سنويا وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترلينى (نحو 63.5 ألف دولار) تقدم لأفضل رواية تُرجمت من لغتها الأصلية إلى الإنجليزية ونشرت فى المملكة المتحدة. وتتقاسم المؤلفة والمترجمة قيمة الجائزة معا. ويضاف إلى مبلغ الجائزة ألف جنيه إسترلينى تمنح لكل من وصل للقائمة القصيرة. ونالت الحارثى (41 عاما) الجائزة بعد منافستها مع روايات القائمة القصيرة للجائزة من فرنسا وألمانيا وبولندا وكولومبيا وتشيلى.
وفقا لكلمات لجنة التحكيم فى بيان الإعلان عن فوز الرواية، فهى: «منظمة ومبنية بأناقة وتحكى عن فترة زمنية فى عمان من خلال مشاعر الحب والفقد داخل أسرة واحدة»، كما أضافت رئيسة لجنة التحكيم الكاتبة بياتى هيوز إن «الرواية أظهرت فنا حساسا وجوانب مقلقة من تاريخنا المشترك، كما أن الأسلوب يقاوم بمهارة العبارات المبتذلة عن العرق والعبودية والجنس»، حسب قولها.
استطاعت الكاتبة أن تجمع خيوط الماضى والحاضر وتنتقل بينها بلغة سلسة جمعت بين اللغة العربية الفصحى واللهجة العمانية دون أن يصاب القارئ برغبة فى العزوف عن استكمال القراءة، فقد سخرت أدواتها وشخصيات الرواية لهدف واحد وهو أن يستطيع القارئ معرفة هوية المجتمع العمانى المتأصلة فى أبنائه.
فوز الأديبة العمانية بالجائزة يعد فى جوهره تكريما للأدب والأقلام العربية بصفة عامة؛ نظرا لكون روايتها أول رواية عربية تفوز بهذه الجائزة المرموقة؛ ما يفتح الباب للقراء حول العالم من أجل التعرف على الأدب فى سلطنة عمان ومن ثم الأدب العربى، وهذا ما أكدت عليه الكاتبة بالفعل ضمن الكلمة التى ألقتها أثناء استلام الجائزة قائلة « الفوز بهذه الجائزة يفتح الباب أمام القراء من مختلف دول العالم كى يتعرفوا على الأدب فى عمان، ويدركوا حقيقة أن المجتمع العمانى مجتمع خصب للفن والإبداع، وبإمكان الأدباء فى عمان أن يحققوا الإنجازات إذ إنه مجتمع نشط للكتابة والفن».
«جوخة الحارثى» صاحبة الـ41 عاما، عملت أستاذة للأدب العربى فى كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، وحصلت على درجة الماجستير فى اللغة العربية عام 2003، ثم حصلت على درجة الدكتوراة فى الأدب العربى الكلاسيكى من جامعة إدنبرة باسكتلندا.
صدرت أول أعمالها الأدبية عام 2001، وكانت مجموعة قصصية بعنوان «مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل»، ثم تبعها صدور دراسة فى أدب عمان والخليج عام 2003، واستمر إنتاجها الأدبى المتنوع بين نصوص وقصص للأطفال: صبى على السطح «مجموعة قصصية» عام 2007، فى مديح الحب «نصوص» عام 2008، عش للعصافير «كتاب للأطفال» عام 2010، ملاحقة الشموس «دراسة أدبية» عام 2010، السحابة تتمنى «كتاب للأطفال» عام 2015.
أما عن أعمالها الروائية فهم ثلاث روايات: منامات الصادرة عام 2004، رواية نارنجة 2016، رواية سيدات القمر عام 2010 والتى تعتبر أشهر أعمالها الأدبية.
فازت الأديبة بالعديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة أفضل رواية عمانية فى مسابقة أفضل إصدار عمانى منشور فى مجال الأدب والثقافة من نفس العام، جائزة أفضل كتاب فى فرع أدب الأطفال عام 2010 عن كتاب عش للعصافير، فازت رواية نارنجة بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون عام 2016 التى تعتبرها الكاتبة فوز يعكس الإيمان بقيمة الأدب ودوره فى تشكيل وعى الإنسان وبنائه.
والجائزة التى تمنح سنويا وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترلينى (نحو 63.5 ألف دولار) تقدم لأفضل رواية تُرجمت من لغتها الأصلية إلى الإنجليزية ونشرت فى المملكة المتحدة. وتتقاسم المؤلفة والمترجمة قيمة الجائزة معا. ويضاف إلى مبلغ الجائزة ألف جنيه إسترلينى تمنح لكل من وصل للقائمة القصيرة. ونالت الحارثى (41 عاما) الجائزة بعد منافستها مع روايات القائمة القصيرة للجائزة من فرنسا وألمانيا وبولندا وكولومبيا وتشيلى.
وفقا لكلمات لجنة التحكيم فى بيان الإعلان عن فوز الرواية، فهى: «منظمة ومبنية بأناقة وتحكى عن فترة زمنية فى عمان من خلال مشاعر الحب والفقد داخل أسرة واحدة»، كما أضافت رئيسة لجنة التحكيم الكاتبة بياتى هيوز إن «الرواية أظهرت فنا حساسا وجوانب مقلقة من تاريخنا المشترك، كما أن الأسلوب يقاوم بمهارة العبارات المبتذلة عن العرق والعبودية والجنس»، حسب قولها.
استطاعت الكاتبة أن تجمع خيوط الماضى والحاضر وتنتقل بينها بلغة سلسة جمعت بين اللغة العربية الفصحى واللهجة العمانية دون أن يصاب القارئ برغبة فى العزوف عن استكمال القراءة، فقد سخرت أدواتها وشخصيات الرواية لهدف واحد وهو أن يستطيع القارئ معرفة هوية المجتمع العمانى المتأصلة فى أبنائه.
فوز الأديبة العمانية بالجائزة يعد فى جوهره تكريما للأدب والأقلام العربية بصفة عامة؛ نظرا لكون روايتها أول رواية عربية تفوز بهذه الجائزة المرموقة؛ ما يفتح الباب للقراء حول العالم من أجل التعرف على الأدب فى سلطنة عمان ومن ثم الأدب العربى، وهذا ما أكدت عليه الكاتبة بالفعل ضمن الكلمة التى ألقتها أثناء استلام الجائزة قائلة « الفوز بهذه الجائزة يفتح الباب أمام القراء من مختلف دول العالم كى يتعرفوا على الأدب فى عمان، ويدركوا حقيقة أن المجتمع العمانى مجتمع خصب للفن والإبداع، وبإمكان الأدباء فى عمان أن يحققوا الإنجازات إذ إنه مجتمع نشط للكتابة والفن».
«جوخة الحارثى» صاحبة الـ41 عاما، عملت أستاذة للأدب العربى فى كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، وحصلت على درجة الماجستير فى اللغة العربية عام 2003، ثم حصلت على درجة الدكتوراة فى الأدب العربى الكلاسيكى من جامعة إدنبرة باسكتلندا.
صدرت أول أعمالها الأدبية عام 2001، وكانت مجموعة قصصية بعنوان «مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل»، ثم تبعها صدور دراسة فى أدب عمان والخليج عام 2003، واستمر إنتاجها الأدبى المتنوع بين نصوص وقصص للأطفال: صبى على السطح «مجموعة قصصية» عام 2007، فى مديح الحب «نصوص» عام 2008، عش للعصافير «كتاب للأطفال» عام 2010، ملاحقة الشموس «دراسة أدبية» عام 2010، السحابة تتمنى «كتاب للأطفال» عام 2015.
أما عن أعمالها الروائية فهم ثلاث روايات: منامات الصادرة عام 2004، رواية نارنجة 2016، رواية سيدات القمر عام 2010 والتى تعتبر أشهر أعمالها الأدبية.
فازت الأديبة بالعديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة أفضل رواية عمانية فى مسابقة أفضل إصدار عمانى منشور فى مجال الأدب والثقافة من نفس العام، جائزة أفضل كتاب فى فرع أدب الأطفال عام 2010 عن كتاب عش للعصافير، فازت رواية نارنجة بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون عام 2016 التى تعتبرها الكاتبة فوز يعكس الإيمان بقيمة الأدب ودوره فى تشكيل وعى الإنسان وبنائه.
سيدات القمر (رواية)
سيدات القمر هي رواية للكاتبة العُمانية جوخة الحارثي، نشرت سنة 2010، الرواية فازت بجائزة مان بوكر الدولية لسنة 2019 في بريطانيا.
رواية تتناول تحوّلات الماضي والحاضر، وتَجْمع، بلغةٍ رشيقةٍ، بين مآسي بشر لا ينقصهم شيء ومآسي آخرين ينقصهم كلُّ شيء.
رواية «سيدات القمر» هي من النوع الاجتماعي الطويل، وتصور تحوُّل سلطنة عمان من مركز لتجارة الرقيق إلى دولة منتِجة للنفط، وهي أول رواية كُتبت بالأساس باللغة العربية وتفوز بالجائزة الدولية.[1]
المراجع
- ^ رواية «سيدات القمر» التي تحكي تاريخ عمان تفوز بجائزة مان بوكر نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
سرد الهوية .. في رواية “سيدات القمر” للكاتبة العُمانية جوخة الحارثي
الثقافة 10/06/2019 0
وجهان متوازيان. صورة رمزية
د. فريدة إبراهيم*
منذ البداية، تستدرجك الروائية جوخة الحارثي، لولوج عالمها السردي في”سيدات القمر”، الفائزة بمان بوكر الدولية2019، من خلال سحر لغتها الشاعرية المطعّمة باللهجة المحلية، وسلاسة السرد، والتنقلات الزمنية السريعة التي تجعل القارئ يغوص أكثر في أحداثها المتلاحقة، في محاولة للإمساك بالنهاية التي تأتيه بعد مئتين وتسع وعشرين صفحة، لتخبره بأن الإمساك بالقارئ حتى نهاية الرواية؛ خدعة لا يتقنها إلاّ المتمكن من اللعبة السردية، ونزعم أن الكاتبة جوخة الحارثي في “سيدات القمر”، واحدة من هؤلاء الكتاب الذين يعرفون كيف يجذبون القارئ إلى عالمهم السحري، المعبأ بسيل من التفاصيل والأحداث المتلاحقة.
استطاعت مؤلفة رواية “سيدات القمر”، أن تنسج حكايتها من تضافر جملة من الحكايات التي تتوالد وتتناسل مشكلة الإطار العام للنص السردي، وإن بدت بعض هذه الحكايات منفصلة، إلا أنها ترتبط بخيط رفيع، أتقن السارد/المؤلف حياكته ونسجه بطريقة فنية وجمالية، أضفت على السرد تميزه؛ فالسارد لا يكاد ينتهي من قصة “ميا” مثلا، حتى يدخل القارئ في قصة “نجية البدوية” وقصة “ظريفة” و”سنجور”و”مسعودة” ..إلخ، تلك القصص التي تعكس هوية المجتمع العماني، بكل عاداته وتقاليده، تفتح للقارئ عالما آخر بكل حمولته الإنسانية، محاولة سد فراغات سردية لا يمكننا العثور عليها، لأن الرواية عبارة عن خزان من الحكايات المختلفة التي لا تنتهي، والوقائع والأحداث التي تخلقها شخصيات متعددة ومختلفة، تعيدنا إلى أزمنة متباينة ومتداخلة، ضمن إطار مكاني ممتد، يرسم السارد أبعاده ويفصّل معالمه بفنية متقنة، وبذلك تكون رواية “سيدات القمر”، بمثابة ذاكرة مفتوحة -بتعبير م.برادة- على تاريخ وطن وثقافة مجتمع.
تعيد حكايات رواية “سيدات القمر” رسم قرية/وطن وما طرأ عليه من تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، يتجسد ذلك من خلال شخصيات متعددة ورؤى مختلفة، تمنح الرواية طابعها البوليفوني، تمتلك هذه الشخصيات استقلالها النسبي، فصوت ميا يختلف عن صوت ولغة أسماء، وهذه الأخيرة تختلف عن صوت ولغة خولة، إننا أمام حكايات ووجهات نظر متباينة، تمنح السرد طابعه المتشعب والمتناقض أحيانا، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن جيل الآباء ونظرتهم المختلفة عن جيل الأبناء، مثل، رفض شخصية عبد الله لاستمرار والده باتخاذ العبيد، بعد صدور قانون منع الرق والاتجار به، تجسد ذلك في حواراته المستعادة عبر تقنية المونولوج، ثم ننتقل إلى جيل الأحفاد أين نجد شخصية”لندن”ابنة ميا وعبدالله، وكيف استقلت برأيها، وفرضت نمط حياتها الذي ينقل وجه “عُمان” الجديد بعد التحولات الكبرى التي طرأت على تفاصيل الحياة.
تتسلم شخصيات الرواية، زمام السرد كل على حدة، فتسرد تفاصيل حكايتها وذكرياتها الممتدة في الزمن البعيد، فنتعرف على حيز مكاني هو “العوافي”، وتاريخ وطن هو”عمان”، وما مر به منذ 1920 من حروب أهلية (حرب الجبل الأخضر )، ثم التنقيب عن النفط، والتحولات الاقتصادية الضخمة التي أعقبت ذلك، ومن أبرز الشخصيات التي تتجلى من خلالها التحولات الاقتصادية؛ شخصية عبد الله، وهو الشخصية الرجالية الأبرز الذي أخذ حيزا مكانيا في السرد، ومن خلال رحلة عبدالله في الطائرة، وفي لحظات غفوته يأخذ القارئ معه ليعايش أحلامه التي تتجلى في تنقله بين أحداث الرواية، منتقيا بعضا منها بطريقة تسرع زمن السرد، وتدفع الأحداث إلى الأمام، فيسترجع ذكريات بعيدة وقريبة، ويكون ذلك بمثابة خطة فنية متقنة يتبعها السرد في نقل الأحداث بطريقة غير منتظمة، ليظهر من خلالها مرور الزمن وتداخله، عن طريق النقلات الزمنية السريعة والبعيدة.
يمنح صوت عبد الله للسرد طابعه الذاتي، فيروي بضمير المتكلم الذي يقرب القارئ أكثر من السرد، ويضفي عليه طابعا حميميا. كما تأخذ باقي الشخصيات حقها في التعبير عما يجيش في داخلها، وعن همومها وتطلعاتها، فنسمع صوت ميا وأسماء وأمهما سالمة وتفاصيل حياتها المؤلمة مع الجوع واليتم .. في مقابل ذلك يهيمن صوت السارد الخارجي عن الحكاية التي يرويها، رغم ذلك يسرد الأحداث من الداخل، ويحلل دواخل الشخصيات ويقدمها، وله معرفة سابقة لما يجري، لأنه عليم بكل شيء، يسرد بضمير الغائب، وفي الغالب هو صوت المؤلف الذي نجده هنا، يتعثر أحيانا، فيتداخل مع أصوات الشخصيات، وهي من المآخذ القليلة التي لمسناها في ثنايا السرد، ما قد يؤثر في فنيته وجماليته، بالإضافة إلى تأثير ذلك على مقروئية النص لدى القارئ المنتبه لسير اللعبة السردية.
استطاعت رواية “سيدات القمر” أن تعبر عما سماه “م.برادة” بالمتخيل الاجتماعي لثقافة ما، فمن خلال تفاصيل محكيات الرواية، ورمزية شخصياتها وقيمها، جسدت الهوية الجمعية “لعمان” في صيرورتها وتحولاتها ا ، وعبرت الكاتبة عن ذلك بلغة شاعرية مكثفة، منحتها، وبجدارة، وسام التميز والاستحقاق.
تعليقات
إرسال تعليق